تعيش مدينة الفاشر مأساةً إنسانيةً غير مسبوقة، إذ ترتكب قوات الدعم السريع الإرهابية جرائم مروّعة ترقى إلى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من قتلٍ وحرقٍ ونهبٍ واغتصابٍ ونزوحٍ قسري، وسط صمتٍ دوليٍّ مقلقٍ وتواطؤٍ إعلاميٍّ فاضح.وقد وثّقت المقاطع المصوّرة التي نشرتها هذه القوات بنفسها حجم الوحشية التي تُمارَس ضد المدنيين، مؤكدةً أن ما يجري في الفاشر ليس صراعًا عسكريًا، بل عملية منظمة لإبادة جماعية تستهدف المدنيين العُزّل.وفي خضم هذه الفاجعة، أطلقت بعض الجهات الإعلامية المشبوهة حملاتٍ دعائيةً مدفوعة لتزييف الواقع وتبييض صورة الجناة، عبر تقارير مفبركة وصحفيين فقدوا ضميرهم المهني والوطني، دخلوا الفاشر بتسهيلات من قوات الدعم السريع لإنتاج محتوى موجه يُظهر القاتل في صورة المنقذ ويُخفي معاناة الضحايا وصرخاتهم.وقد رصد مرصد مشاد لحقوق الإنسان تورط عدد من القنوات في تغطياتٍ منحازة، من بينها سكاي نيوز،والعين، حيث قدمت هذه الوسائل محتوى إعلاميًا انتقائيًا يخدم أجندة الميليشيا، وتجاهلت الشهادات الميدانية الموثقة من الضحايا والناجين، واستبدلتها بإفادات مزيفة أُعدّت تحت التهديد والرقابة.إن مثل هذا السلوك الإعلامي يُعدّ انحرافًا خطيرًا عن مبادئ النزاهة الصحفية، وتواطؤًا صريحًا في التستر على جرائم ضد الإنسانية، وتحويلًا للإعلام من وسيلة لنقل الحقيقة إلى أداة للحرب النفسية والتضليل.إن الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي ارتضت أن تكون جزءًا من آلة التبرير والتلميع، خانوا رسالتهم الإعلامية وباعوا مهنتهم مقابل المال والمصالح، وسيسجّل التاريخ أسماءهم في قائمة العار لمن جعلوا من الإعلام سلاحًا لتبرير القتل والدمار، بدلاً من أن يكون منبرًا للعدالة والحقيقة.ويحمّل مرصد مشاد لحقوق الإنسان هذه القنوات وكل من شارك في إنتاج أو بث هذه المواد الزائفة المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن التضليل المتعمّد للرأي العام الدولي، ويدعو الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، واتحاد الصحفيين العالمي إلى التحقيق العاجل ومساءلة المتورطين في هذه الممارسات الإعلامية، باعتبارهم شركاء في الجريمة من موقع الكلمة والتأثير.كما يناشد المرصد المجتمع الدولي بكافة مؤسساته إلى التحرك الفوري لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في الفاشر، وإدانة جرائم قوات الدعم السريع بشكل واضح وصريح، والعمل على إرسال بعثة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.ويدعو المرصد الشعب السوداني في الداخل والخارج إلى اليقظة ورفض حملات التضليل الإعلامي، والتمسك بنقل الحقيقة من مصادر موثوقة، ودعم الجهود الوطنية التي تعمل على فضح الجرائم والانتهاكات.ستظل الحقيقة عصيّة على الاغتيال مهما حاولوا طمسها، وسيبقى صوت الضحايا أقوى من كل محاولات التزييف والتلميع.فمن خان قلمه خان وطنه، ومن باع ضميره باع دماء شعبه.
المرصد
مرصد مشاد يدين التضليل الإعلامي ويكشف تواطؤ القنوات المأجورة مع قوات الدعم السريع
- نوفمبر 11, 2025
- by منظمة مشاد
- 0 Comments
