تتابع منظمة مشاد بقلق بالغ وقلوب مثقلة بالحزن تفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين في دول الجوار، وعلى وجه الخصوص في دولة تشاد، حيث تتدهور الأوضاع بوتيرة مفزعة في ظل غياب مقومات الحياة الكريمة. إن هؤلاء المدنيين الذين شردتهم نيران الحرب وفروا بأجسادهم المنهكة وأرواحهم الجريحة، يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بواقع مرير يفتقر إلى الماء والغذاء والدواء والمأوى، في بيئة تتآكل فيها أسباب النجاة، وتخيم عليها مشاهد البؤس والموت البطيء.
لقد أدت التراجعات المؤلمة في حجم ونوعية الاستجابة الإنسانية، وتوقف التمويل، وعدم التزام العديد من الجهات الدولية والإنسانية بتعهداتها السابقة، إلى خلق واقع كارثي تُحاصر فيه الأسر اللاجئة بالجوع وسوء التغذية والأوبئة، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر إنقاذ جادة. وقد وثقت فرقنا الميدانية، ومن خلال تقارير دقيقة، وفاة أكثر من 266 مدنياً منذ بداية شهر مايو فقط، أغلبهم من الأطفال والنساء، نتيجة لنقص الغذاء وانتشار الأمراض، وسط عجز كامل عن تقديم العلاج والرعاية اللازمة.
وفي ظل هذا الانهيار الإنساني، لم يجد الكثير من اللاجئين خياراً سوى المغامرة بأرواحهم في رحلة محفوفة بالمخاطر نحو المجهول، بحثاً عن لقمة أو جرعة ماء، ما يعكس اليأس العميق الذي تعيشه هذه المجتمعات المنسية خلف الأسلاك والحدود. إننا في منظمة مشاد، وإزاء هذا المشهد المأساوي، نطلق نداءنا الإنساني الصادق والعاجل إلى كل من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وهيئاتها والمنظمات الإقليمية والدولية والخيريين في كل مكان، من أجل التحرك الفوري والفاعل لإنقاذ أرواح الآلاف قبل أن تقع الكارثة الكبرى.
إن صمت العالم على هذه المعاناة يشكل وصمة في جبين الإنسانية، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وتاريخي لا يحتمل مزيداً من التأجيل أو التخاذل. فالواجب الإنساني يقتضي أن تتحرك الضمائر، وأن تمتد الأيادي، وأن توضع معاناة هذا الشعب المنسي في قلب الاهتمام الدولي. إن صوت اللاجئين لا يجب أن يظل صامتاً، وكرامتهم لا يجوز أن تُنسى، وحياتهم لا ينبغي أن تُترك فريسة للموت البطيء.
فلننتصر للإنسان في السودان، قبل أن يفقد ما تبقى من الأمل.