يتابع مرصد مشاد بقلق بالغ تطورات الأوضاع الصحية الكارثية في السودان، في ظل تصاعد وتيرة تفشي وباء الكوليرا، الذي بدأ يفتك بحياة المدنيين في عدد من المناطق، نتيجة الانهيار التام في مقومات الحياة الأساسية، وتدمير متعمّد للبنية التحتية الحيوية، وغياب الحد الأدنى من الخدمات العامة، وعلى رأسها مياه الشرب النقية والصرف الصحي الآمن.
وفي ضوء تحقيقات ميدانية وشهادات موثقة، يحمّل المرصد قوات الدعم السريع المسؤولية المباشرة عن تفاقم الكارثة الصحية والبيئية في البلاد، وذلك بسبب ممارساتها التي تنتهك صراحة قواعد القانون الدولي الإنساني، حيث ثبت قيام عناصرها بإلقاء الجثامين في مجرى نهر النيل، ما أدى إلى تلويث مصادر المياه بشكل خطير، إلى جانب استهدافها الممنهج لمحطات تنقية المياه والمنشآت الكهربائية التي تزود آبار المياه بالطاقة، الأمر الذي أدى إلى حرمان ملايين المواطنين من الحصول على مياه صالحة للشرب، وزيادة احتمالات تفشي الأوبئة الفتاكة، وعلى رأسها الكوليرا.
إن هذه الممارسات تمثل جرائم جسيمة قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بموجب القانون الدولي، وتشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، والتي تنص بوضوح على حماية المنشآت المدنية، لاسيما المرتبطة بالصحة والمياه، وتمنع استخدامها كأهداف عسكرية تحت أي ظرف.
ويؤكد مرصد مشاد أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل وفعّال من المجتمع الدولي، سيؤدي إلى كارثة صحية واسعة النطاق، لا سيما في ظل محدودية الإمكانيات الطبية والإنسانية، وتقييد وصول منظمات الإغاثة إلى المناطق المنكوبة. ويدعو المرصد الأمم المتحدة، واللجان الدولية المعنية، وكافة الفاعلين الدوليين إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية، والضغط الفوري من أجل وقف الجرائم البيئية والصحية المرتكبة، وضمان وصول المساعدات والخدمات الأساسية للمتضررين، وتأمين الحماية الكاملة للمنشآت الحيوية، ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات الجسيمة وفقًا لآليات العدالة الدولية.
وإذ يعيد مرصد مشاد التأكيد على التزامه الراسخ برصد وتوثيق جميع الانتهاكات التي تمس كرامة وحق الشعب السوداني في الحياة، فإنه يناشد العالم الحر أن لا يقف صامتًا أمام هذه الكارثة المتفاقمة، وأن يتحرك بشكل عاجل لدرء المخاطر الصحية المحدقة وإنقاذ الأرواح البريئة من وباء بات يتمدد في ظل غياب المساءلة والردع.
