تقارير حقوقية

⭕مرصد مشاد يوثق جرائم ممنهجة ضد النساء في السودان خلال حرب (أبريل 2023 – مايو 2025)⭕

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، ارتُكبت بحق النساء والفتيات انتهاكات مروعة ذات طابع ممنهج، تمثل في مجملها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحسب ما تنص عليه اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. لقد تحوّلت النساء إلى أهداف مباشرة لأعمال عنف جنسي وجسدي ونفسي غير مسبوقة، ما يشكل تهديدًا وجوديًا لبنية المجتمع السوداني.

تشير معطيات المرصد إلى أن ما لا يقل عن 12,000,000 امرأة وفتاة تعرضن لانتهاكات متعددة شملت التعذيب الجسدي والنفسي، والاغتصاب الفردي والجماعي، والاستعباد الجنسي، والزواج القسري، والحمل القسري، والاختطاف، والاتجار بالبشر، فضلًا عن إصابات خطيرة تسببت في إعاقات وتشوهات دائمة.

وقد تم توثيق ما لا يقل عن 5,140 حالة اغتصاب مؤكدة ومن قبل شهادات الناجيات، من بينهن 1,335 فتاة دون سن الثامنة عشرة. كما رُصدت 701 حالة اختطاف، و1,029 حالة ولادة قسرية ناتجة عن علاقات مفروضة بالقوة. وأُصيب ما لا يقل عن 36,000 امرأة بإصابات خطيرة، بينما سُجلت 8,243 حالة وفاة لنساء جراء العنف المباشر أو تبعاته الصحية والنفسية والبيئية. ولا تزال 1,612 امرأة وفتاة في عداد المفقودات.

من خلال الرصد والتحليل والتوثيق، يُحمّل مرصد مشاد قوات الدعم السريع المسؤولية المباشرة عن ما نسبته 86% من هذه الانتهاكات، نظرًا لطبيعة السيطرة الجغرافية، وأنماط الجرائم، وشهادات الضحايا، بينما تتحمل قوات أخرى، مسؤولية 14% من مجمل تلك الانتهاكات، سواء عبر التورط المباشر أو عبر الفشل في الحماية والردع.

إن هذا النمط من الجرائم الممنهجة يعكس سياسة استهداف مباشر ضد النساء باعتبارهن مكونات أساسية في البنية المجتمعية والثقافية، ويكشف عن غياب كامل للردع والمحاسبة، في ظل تواطؤ محلي وصمت دولي مقلق.

يدعو مرصد مشاد المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والآليات التعاقدية وغير التعاقدية في مجلس حقوق الإنسان، إلى التحرك العاجل من خلال ما يلي: فتح تحقيق دولي مستقل ومحايد تحت البند الخاص بالانتهاكات الجسيمة، إحالة الوضع في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية، فرض تدابير عاجلة لحماية النساء والفتيات في مناطق النزاع، توفير الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي والقانوني للضحايا والناجيات، وإدماج قضايا النساء ضمن أي عملية سلام أو تسوية سياسية عادلة وشاملة.

إن استمرار إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب يهدد بإعادة إنتاج العنف وتوسيع رقعته، ويُبقي على النساء في دائرة الانتهاك والاستغلال. كما أن أي سلام دون عدالة ومحاسبة سيكون سلامًا زائفًا لا يُنهي الألم ولا يُعيد الكرامة.

مرصد مشاد إذ يوثق هذه الفظائع، يُجدّد التزامه بملاحقة هذه الجرائم بكل الوسائل القانونية والأخلاقية الممكنة، ويدعو كل الضمائر الحية، والمنظمات الدولية، والجهات المعنية، إلى عدم التهاون مع هذه الجرائم التي تستهدف حاضر ومستقبل النساء في السودان.

منظمة_مشاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *